احترس من: إعلانات السيارات الطائرة وبرامج السباقات الخيالية

احترس من: إعلانات السيارات الطائرة وبرامج السباقات الخيالية







في السبعينيات طار طفل من نافذة منزله ليقلد 'فرافيرو العجيب' نجم حلقات الكارتون الشهيرة في التليفزيون.. الآن تمتليء شاشات الفضائيات والتليفزيون المصري باعلان يطير فيه شابان بسيارتيهما ويتشقلبان لكي يشربا 'حاجة ساقعة' وعلي الرغم من قيام الاعلان بتحذير المشاهدين من الايحاولوا ذلك.. الا اننا نخشي ان يعود 'فرافيرو' القرن الحادي والعشرين.
وذلك لان الانسان بفطرته يميل إلي تحقيق منجزات كثيرة قد تفوق قدرته في بعض الاحيان لذلك يلجأ لا شعوريا الي انجاز ماعجز عن تحقيقه في الواقع ­ في عالم الخيال كنوع من الاشباع المؤقت لطموحه الذي لايهدأ. وبرامج الخيال العلمي في شتي المجالات اذا فقدت الخيط الرفيع الذي يفصلها عن الواقع يصبح ضررها اكبر من نفعها نظرا لاثرها السييء حينذاك علي سلوكيات الانسان وخاصة النشء والشباب الذين يميلون للتقليد والمحاكاة دون وعي لانهم اكثر اندفاعا وتهورا. ولاشك أن محاولات هذا التقليد في مجال السيارات ستكون اشد خطرا
لان برامج السيارات والسباقات الخيالية والاعلانات المثيرة قد يؤدي تقليدها إلي الموت المحقق، لذا نتساءل: كيف نستفيد من برامج السيارات الخيالية علي الكمبيوتر والانترنت وفي الاعلانات دون مخاطر تهدد مستقبل ابنائنا؟


التنشئة والتخيل


بداية تقول الدكتورة ليلي كرم الدين الاستاذة بمعهد الدراسات العليا للطفولة والاعلام بجامعة عين شمس: إن الخيال من الاشياء الضرورية لتربية الاطفال وتنمية ملكة الادراك المبكر لديهم لان النشء يميلون لتجسد المفاهيم المعنوية لعدم قدرتهم علي استيعابها دون تصور ملموس ومشاهد من قبلهم فضلا عن ان القدرات العقلية لدي الطفل تبدأ عادة بالقدرة علي الحفظ ثم تنتقل للفهم وتتطور للربط بين الأشياء ثم إلي الملكات العقلية العليا كتكوين المفاهيم وادراك الكليات. ولان الاطفال يميلون بطبيعتهم لاعمال الخيال فان ذلك يحتم علينا توظيفه بصورة ايجابية في عمليات التنشئة التربوية والاجتماعية بتوظيف القصص والبرامج الخيالية لتنمية الجوانب المعرفية والمهارية والوجدانية في شخصياتهم.


الأنشطة الواقعية


وتؤكد الدكتورة ليلي كرم الدين ان ممارسة الطفل للانشطة المختلفة التي تنمي مواهبه وملكاته تجنبه الوقوع في أسر البرامج الخيالية في مجال السيارات وغيره من المجالات أما الانطواء والانغلاق المبكر علي الذات بعيدا عن توجيه الوالدين والمربين وارشادهم فهو الدافع الاقوي نحو التقليد الاعمي لاي شيء خياليا كان أم واقعيا، وبالتالي يحدث مالا يحمد عقباه للابناء وللمجتمع.
والعلاج الامثل لتفادي آثار الخيال السلبية يكمن في التركيز علي تنمية الملكات العقلية العليا التي تمكن النشء والشباب من المشاهدة الناقدة والقراءات الواعية بابعاد وبواطن الأمور.


مشكلات مفترضة


ويري محمد متولي موجه عام الكمبيوتر وتكنولوجيا التعليم بوزارة التربية والتعليم ان من اهم واجبات التوجيه التربوي تعريف الأطفال بكيفية تحقيق اقصي استفادة من الكمبيوتر وتكنولوجيا الاتصال بصفة عامة وتلافي الآثار السلبية التي تنتج عن بعض برامجها بتوعية التلاميذ باهداف البرامج وخاصة الخيالية منها فهي وان كانت تنمي لديهم توقع المشكلات وسرعة البديهية في التصرف لايمكن بأي حال من الاحوال أن تصبح مجالاكي يقلدوها في حياتهم اليومية، والمعلم و المربي يجب ان يدرك اندفاع النشء للتقليد بسبب قدراتهم البدنية والعقلية المحدودة، لذلك يجد الطفل في الخيال تعويضا لقدراته غير المكتملة ومن هنا تأتي الخطورة في تعرض الطفل لتأثيربرامج السباقات الخيالية وقضاء أوقات طويلة في مشاهدتها وممارستها علي الكمبيوتر دون توجيه تربوي من الأبوين أو المعلمين.


تفاعل لا استسلام


ويضيف محمد متولي اننا يمكن أن نستثمر الخيال الخصب لدي النشء والشباب في توجيههم لابتكار برامج جديدة تفيد أقرانهم والابداع في تقديم اساليب لعرض افكارهم من خلال مواقع ينشئونها هم بانفسهم، وبذلك نعودهم علي التفاعل الايجابي مع الكمبيوتر وتكنولوجيا الاتصال بصفة عامة، أما الاكتفاء بمشاهدة البرامج الخيالية وغيرها علي الكمبيوتر والانترنت فهو نوع من التعامل السلبي الذي يدفع ابناءنا أحيانا إلي المحاكاة بغير وعي في حياتهم الواقعية.


بداية الابداع


بينما يؤكد الدكتور الجميل محمد شعلة استاذ علم النفس التربوي بكليات البنات السعودية أن الخيال هو نقطة الأنطلاق الأولي نحو الابداع والابتكار لذا ينبغي أن نعي وننتبه إلي الاطفال الذين يكثرون من التعامل مع القصص والبرامج الخيالية لان ذلك مؤشر لطموحهم المبكر للابداع وميلهم إلي الابتكار، فلو كان الطفل ينجذب لبرامج وسباقات السيارات فلا نستبعد ان يكون مبتكرا في هذا المجال لو تعهدناه ومكناه من تنمية هوايته في الصيانة والقيادة وفك وتركيب اجزاء السيارة ولا خوف من البرامج الخيالية في مجال السيارات إلا علي اصحاب القدرات العقلية المحدودة وهم بالطبع نسبة ضئيلة جدا لايعتد بها اذا قارناهم بالشريحة الكبيرة من متابعي هذه البرامج.


السباق مع الواقع


ويشير الدكتور الجميل محمد إلي أن اعمال الخيال كان بداية لاي اختراع بما في ذلك الطائرات والسيارات، ومن واجبنا تدعيم استخدام الخيال لدي الابناء بطريقة منظمة ومرشدة تعينهم علي التفوق في العلوم والرياضيات، وكيفية افتراض المشكلات ثم حلها لان ذلك يجعلهم اكثر قدرة علي مواجهة مفاجآت الظواهر الطبيعية المؤلمة والتي تحتاج إلي رد فعل واتخاد قرارسريع.


القيادة بلا برامج


ويقول ابراهيم عبد المجيد مدرب قيادة السيارات ان بعض مدارس تعليم القيادة تستعين ببرامج السباقات والقيادة التي لا تتوافق مع القيادة في شوارعنا المزدحمة لمجرد ازالة الرهبة لدي المبتديء في تعلم القيادة وتعويده علي سرعة البديهة وحسن التصرف عند صدور ردود افعال في المواقف الطارئة والمفاجئة لكنني اري عدم الاستعانة بهذه البرامج لانها تعود القائد للسيارة علي التسرع والميل لرد الفعل المتعجل والانفعالي، رغم ان القيادة الناجحة تتطلب هدوء الاعصاب والتحكم في استخدام كل اجزاء السيارة سواء في حالة البطء والسرعة علي طرقنا.


تضييع للوقت والعقل


ويؤكد الدكتور سماح محمد استاذ علم النفس التربوي بمركز الدراسات والبحوث التربوية والتنمية: جنوح النشء والشباب إلي العنف والعدوانية بسبب برامج الخيال التي اصبح معظمها لمجرد التسلية والترفيه بعد ان فرغت من المغزي العلمي لاعمال الخيال ­ وينعكس ذلك في قيادتهم للسيارة برعونه والتعامل مع اجزائها بعنف لافت النظر نلحظه علي حالة السيارات الموجودة علي جوانب الطرق عندنا ولا أمل في تكوين جيل من المبدعين إلا باعادة النظر في طرق تعامل ابنائنا مع الكمبيوتر والانترنت واجهزة الاتصال بطريقة علمية تضع الخيال في موضعه ووظيفته التي تخدم الفرد والمجتمع.


برامج تربوية


ويشير الدكتور سماح الي أن الانسان منذ بدء الخليقة في صراع دائم مع الطبيعة من حوله من أجل طموحه الي التحكم فيها تحكما كاملا لذلك اتجهت اعمال الخيال الانساني منذ القدم الي اختراع اشياء تحقق له هذا التحكم في البيئة المحيطة به بكل ظواهرها الطبيعية المفاجئة وغير المفاجئة، والانسان لن ينجح في هذا الصراع اوالسباق إلابحسن إعمال الخيال وتوظيفه وهنا يأتي دور البرامج التربوية سواء من خلال الكتب أو الكمبيوتر وهي برامج يضعها خبراء في علم النفس والتربية لاستثارة افكار النشء والشباب وتحريك ملكة التخيل الايجابي لديهم للاجابة عن التساؤلات. وحل المشكلات في مختلف المجالات.


اسباب عدوانية القيادة


ويحذر الدكتور سماح من كثرة برامج الخيال في مجال السيارات وغيره من المجالات حاليا لان معظمها وضع للتجارة والكسب ويؤدي إلي التبلد العقلي والخمول الفكري وهناتصير احتمالات التقليد بلاوعي في ارض الواقع كبيرة وتحدث الكوارث المرورية في شوارع ليست بحاجة لمزيد من الحوادث والكوارث. وترجع عدوانية المتاثرين ببرامج الخيال في القيادة إلي انهم يحاولون تطبيق هذه البرامج في طرق لاتسمح بتطبيقها فيشعرون بالعجز وتزداد لديهم المحاولات غير الواعية للتقليد الاعمي لبرامج السباقات في هذا الجو المخنوق بالزحام وتكون العدوانية في التعامل مع الشارع والسيارة والاخرين في الطرق هي النتيجة الطبيعية